روبرت هاند-الاسبوع الثالث عشر- السحر!
احكام النجوم كما يراه روبرت هاند – الاسبوع الثالث عشر
السحر!
المصدر: http://www.stariq.com/Main/Articles/P0001437.HTM
في الاسبوع الماضي، ذكرت حالة معينة تبين إثرها أنه حتى احكام النجوم الولادي يتمتع بسحره الخاص. لكن بالطبع فإن هذا التصريح لن يكون ذا قيمة ما لم يكن لديك تعريف فعال لمفردة السحر. إن مجال هذا الموضوع يمكن ان يتحول بسهولة الى مستنقع إن لم نتحلَّ بالحيطة، كون المفردة مثقلة بطبيعتها.
بالتاكيد، وعلى عدة مستويات، فإن مفهوم السحر يبتعد قليلا عن عبادة الشيطان، حتى وان اعتبر ضمن هذه المستويات هو التكسب من خلال الشياطين. (وان كان هذا يعتبر مبالغة بالنسبة اليك، فاحب ان اذكّر قرّاءَنا ان هنالك من يعتبر حتى احكام النجوم هو تكسب من خلال الشياطين). حتى انا، بنفسي، والى وقت ليس بالبعيد كنت اعتبر ان اي نوع من السحر (فيما عدا السحر الاستعراضي، طبعا) تحيط به الشكوك والمخاطر. لم افكر بالسحر على انه شر محض، لكن اعتقد انه يتطلب درجة عالية من الوعي الروحاني للتغلب على الاغراءات التي قد يتضمنها. لذا قد ابتعدت عنه من دون تعريفه بشكل قاطع من قبلي.
اذا ما هو السحر، بافتراض ان هنالك تعريف شامل؟ ولنفترض في هذه اللحظة ان هناك امرا كهذا، فنحن لا نستطيع التحدث فعلا عما اذا كان موجود ام لا. ولنوضح ايضا اننا لسنا بصدد السحر الاستعراضي، او سحر خفة اليد. السحر الاستعراضي ببساطة هو شكل من الخداع لغرض الترفيه.
هل فعلا ان السحر الحقيقي، ايا ما يكن، يشتمل على خفة اليد؟ ان الاشخاص الذين حاولو التمرس في السحر فقد تمرسوا في تقنيات اخرى مما ادى الى وجود انواع عديدة من خفة اليد التي يسهل القيام بها. لكنني لست بصدد الحديث عن ذلك. انما اتحدث عن امر اخر بالاضافة الى هذا.
الخوارق
عالبا ما يقال ان السحر يشتمل على الخوارق، اي خرق لقوانين الطبيعة كما تفهم. لا اشكال عندي على فكرة خرق قانون الطبيعة "كما تفهم"، انما فقط بالنسبة لقوانين الطبيعة "كما تفهم" في اي زمن معين واي ثقافة معينة فهي لم ، ولن، تصل الى فهم كامل للحقيقة. كل انظمة القوانين الطبيعية كانت، وستبقى كذلك، هي مقاربات للحقيقة، وستظل هنالك ظواهر لا تتساوق مع النظام الحالي. هكذا قد نحصل على ظهور للخوارق انما ليس لحقيقة الامر.
هناك وسيلة محتملة والتي يمكن ان نجد ظاهرة خارقة اصيلة لكنها تتطلب عرض للامور حتى اكثرها تنوعا في النظام السائد من السحر. هذا "العرض" لا يخفى على من درس ما يسمى بالغوامض. وينص ببساطة الى انه بالاضافة الى عالم الطبيعة هذا والظواهر الملموسة، فهناك عوالم اخرى قد تقبع تحته، او خارجا عنه، او حوله او كيفما يكن.
هل هناك طبيعة خارقة؟
احيانا نستمع لعبارات تتضمن اشارات الى الخطط "النجمية" او "السماوية"، عوالم اخرى لكنها على صلة مع العالم الحسي على نحو ما. وتتنوع طبيعة هذه العلاقة من نظام لاخر. ففي الكابالا يكون الحديث عن "العوالم" : انبثاق (atzilut) ، وانشاء (beriah) ، وتشكيل (yetzirah) ، وجعل العمل او (assiyah). في الافلاطونية المعاصرة* نجد مفرادت : الأحد، نحن، الروح والكون. ان الفكرة الاساسية بسيطة. فبالاضافة الى عالم الطبيعة او الكون الذي نعيش فيه، فهناك "عوالم طبيعية" اخرى والتي تعتبر "ارقى " من عالمنا، اي طبيعة خارقة. (ان علامات الاجتزاء المستخدمة في الجملة السابقة لابد ان تفهم على انها استفهامي انا على مدى صلاحية الكلمات المجتزأة . وتعني هذه العلامات اني استخدمت هذه الكلمات من دون ان يكون عندي فهم واضح لما تعنيه الكلمة بالضبط).
وباستخدام هذه الكلمات متعددة الاوجه فان الطبيعة الخارقة لا تعتبر مناقضة لنفسها. يمكننا ان نقبل بالرأي الذي يعلل تقريبا لجميع الظواهر التي نواجهها بقوانين الطبيعة كما نفهمها، وبالشكل الذي وصلت اليه لغاية الان. لكن احيانا، قد نواجه ظواهر هي نتاج امور فاعلة لكن في عالم اخر من هذه العوالم والتي ادت الى سلسلة من الاحداث تداخلت بطريقة ما في هذا العالم، عالم الطبيعة، من دون ان يكون لها وجود في هذا العالم.
الاشكال في هذه الفرضية هو ان العلم الحديث لا يسلم بأي شكل لنظرية تعدد العوالم للوجود. بالنسبة للعلماء فإن مفهوم الخوارق أو ماوراء الطبيعة في الواقع يناقض نفسه ذلك انه لا يوجد اي شيء ما وراء للطبيعة ولذلك فإن اي شيء "خارق" لابد ان يكون اما خرقا لقانون الطبيعة أو دلالة على ان فهمنا لقانون الطبيعة غير دقيق. ها قد عدنا الى المشكلة الاساسية لاحكام النجوم كما ذكرها في بداية هذه المقالات. ترى، هل احكام النجوم هو نتاج لنوع ما من قوانين الطبيعة المدركة لكن ببساطة لم اكتشافه للان، او هل ان احكام النجوم هو دلالة الى ان الكون يخلف بكثير عما تصورناه؟
الاسبوع المقبل: المزيد حول هذه المشكلة والسحر.
-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
* الافلاطونية المعاصرة: مذهب فلسفي يعتمد على الافلاطونية المعدلة مع بعض عناصر التصوف والمفاهيم اليهودية والنصرانية حيث يفرض الشخص المنتمي لهذا المذهب خالقا واحيد انبثقت عنه جميع اشكال الموجودات، وهو الذي يسعى المتصوفون الى التوحد الصوفي معه.
احكام النجوم كما يراه روبرت هاند – الاسبوع الثالث عشر
السحر!
المصدر: http://www.stariq.com/Main/Articles/P0001437.HTM
في الاسبوع الماضي، ذكرت حالة معينة تبين إثرها أنه حتى احكام النجوم الولادي يتمتع بسحره الخاص. لكن بالطبع فإن هذا التصريح لن يكون ذا قيمة ما لم يكن لديك تعريف فعال لمفردة السحر. إن مجال هذا الموضوع يمكن ان يتحول بسهولة الى مستنقع إن لم نتحلَّ بالحيطة، كون المفردة مثقلة بطبيعتها.
بالتاكيد، وعلى عدة مستويات، فإن مفهوم السحر يبتعد قليلا عن عبادة الشيطان، حتى وان اعتبر ضمن هذه المستويات هو التكسب من خلال الشياطين. (وان كان هذا يعتبر مبالغة بالنسبة اليك، فاحب ان اذكّر قرّاءَنا ان هنالك من يعتبر حتى احكام النجوم هو تكسب من خلال الشياطين). حتى انا، بنفسي، والى وقت ليس بالبعيد كنت اعتبر ان اي نوع من السحر (فيما عدا السحر الاستعراضي، طبعا) تحيط به الشكوك والمخاطر. لم افكر بالسحر على انه شر محض، لكن اعتقد انه يتطلب درجة عالية من الوعي الروحاني للتغلب على الاغراءات التي قد يتضمنها. لذا قد ابتعدت عنه من دون تعريفه بشكل قاطع من قبلي.
اذا ما هو السحر، بافتراض ان هنالك تعريف شامل؟ ولنفترض في هذه اللحظة ان هناك امرا كهذا، فنحن لا نستطيع التحدث فعلا عما اذا كان موجود ام لا. ولنوضح ايضا اننا لسنا بصدد السحر الاستعراضي، او سحر خفة اليد. السحر الاستعراضي ببساطة هو شكل من الخداع لغرض الترفيه.
هل فعلا ان السحر الحقيقي، ايا ما يكن، يشتمل على خفة اليد؟ ان الاشخاص الذين حاولو التمرس في السحر فقد تمرسوا في تقنيات اخرى مما ادى الى وجود انواع عديدة من خفة اليد التي يسهل القيام بها. لكنني لست بصدد الحديث عن ذلك. انما اتحدث عن امر اخر بالاضافة الى هذا.
الخوارق
عالبا ما يقال ان السحر يشتمل على الخوارق، اي خرق لقوانين الطبيعة كما تفهم. لا اشكال عندي على فكرة خرق قانون الطبيعة "كما تفهم"، انما فقط بالنسبة لقوانين الطبيعة "كما تفهم" في اي زمن معين واي ثقافة معينة فهي لم ، ولن، تصل الى فهم كامل للحقيقة. كل انظمة القوانين الطبيعية كانت، وستبقى كذلك، هي مقاربات للحقيقة، وستظل هنالك ظواهر لا تتساوق مع النظام الحالي. هكذا قد نحصل على ظهور للخوارق انما ليس لحقيقة الامر.
هناك وسيلة محتملة والتي يمكن ان نجد ظاهرة خارقة اصيلة لكنها تتطلب عرض للامور حتى اكثرها تنوعا في النظام السائد من السحر. هذا "العرض" لا يخفى على من درس ما يسمى بالغوامض. وينص ببساطة الى انه بالاضافة الى عالم الطبيعة هذا والظواهر الملموسة، فهناك عوالم اخرى قد تقبع تحته، او خارجا عنه، او حوله او كيفما يكن.
هل هناك طبيعة خارقة؟
احيانا نستمع لعبارات تتضمن اشارات الى الخطط "النجمية" او "السماوية"، عوالم اخرى لكنها على صلة مع العالم الحسي على نحو ما. وتتنوع طبيعة هذه العلاقة من نظام لاخر. ففي الكابالا يكون الحديث عن "العوالم" : انبثاق (atzilut) ، وانشاء (beriah) ، وتشكيل (yetzirah) ، وجعل العمل او (assiyah). في الافلاطونية المعاصرة* نجد مفرادت : الأحد، نحن، الروح والكون. ان الفكرة الاساسية بسيطة. فبالاضافة الى عالم الطبيعة او الكون الذي نعيش فيه، فهناك "عوالم طبيعية" اخرى والتي تعتبر "ارقى " من عالمنا، اي طبيعة خارقة. (ان علامات الاجتزاء المستخدمة في الجملة السابقة لابد ان تفهم على انها استفهامي انا على مدى صلاحية الكلمات المجتزأة . وتعني هذه العلامات اني استخدمت هذه الكلمات من دون ان يكون عندي فهم واضح لما تعنيه الكلمة بالضبط).
وباستخدام هذه الكلمات متعددة الاوجه فان الطبيعة الخارقة لا تعتبر مناقضة لنفسها. يمكننا ان نقبل بالرأي الذي يعلل تقريبا لجميع الظواهر التي نواجهها بقوانين الطبيعة كما نفهمها، وبالشكل الذي وصلت اليه لغاية الان. لكن احيانا، قد نواجه ظواهر هي نتاج امور فاعلة لكن في عالم اخر من هذه العوالم والتي ادت الى سلسلة من الاحداث تداخلت بطريقة ما في هذا العالم، عالم الطبيعة، من دون ان يكون لها وجود في هذا العالم.
الاشكال في هذه الفرضية هو ان العلم الحديث لا يسلم بأي شكل لنظرية تعدد العوالم للوجود. بالنسبة للعلماء فإن مفهوم الخوارق أو ماوراء الطبيعة في الواقع يناقض نفسه ذلك انه لا يوجد اي شيء ما وراء للطبيعة ولذلك فإن اي شيء "خارق" لابد ان يكون اما خرقا لقانون الطبيعة أو دلالة على ان فهمنا لقانون الطبيعة غير دقيق. ها قد عدنا الى المشكلة الاساسية لاحكام النجوم كما ذكرها في بداية هذه المقالات. ترى، هل احكام النجوم هو نتاج لنوع ما من قوانين الطبيعة المدركة لكن ببساطة لم اكتشافه للان، او هل ان احكام النجوم هو دلالة الى ان الكون يخلف بكثير عما تصورناه؟
الاسبوع المقبل: المزيد حول هذه المشكلة والسحر.
-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
* الافلاطونية المعاصرة: مذهب فلسفي يعتمد على الافلاطونية المعدلة مع بعض عناصر التصوف والمفاهيم اليهودية والنصرانية حيث يفرض الشخص المنتمي لهذا المذهب خالقا واحيد انبثقت عنه جميع اشكال الموجودات، وهو الذي يسعى المتصوفون الى التوحد الصوفي معه.