أن يريد الانقطاع الكلي إلي الله تعالي علي الوصف الآتي وهو المسمي بالخلوة الجوانية المتعاف أمرها عند القوم فيتأكد عليه إذن أمور أخر زيادة علي ما مر : منها أن يوطن نفسه علي طول المكث فيها بل علي أنه غير خارج منها وإنها قبره الذي هو أول منزل من منازل الآخرة , ولذلك طلب فيها أن تكون علي شكل اللحد في طولها وعرضها وسمكها بحيث لا فضاء فيها غير محتاج إليه بل ما فيها إلا قدر جلوسه ووقوفه واضطجاعه وما يلزمه من بعض ضرورياته . ومنها أنه يتأكد عليه إخفاء مكان اختلائه ما أمكن بحيث لا يشعر به ولو خادمه الذي يخدمه فيها إما لكونه أعجمياً أو مغفلاً غفلة لا يمكن معها التنبه لمثل ذلك أو يوري له بوجوه يفهم منها خلاف ما هو عليه ككونه له مدين يطلبه أو ذو سطوة يندبه أو يريد التداوي بآكل نحو العشبة المعروفة أو غير ذلك من أنواع المعاريض التي يحصل بها الإبهام والتعمية علي الخادم وغيره , وغن كان الخادم الزوجة لا بأس مع التعريض و التعميات السابقة من غير أن يقربها أيام الخلوة المدخولة عليها من أربعين أو غيرها ولا حرج عليه في مناولتها إياه ولا وقوع النظر عليها ولا يتكلم معها أو خادم أخر غيرها إلا فيما لابد منه ان كان لا يفهم الكتابة وإلا فما لا يفهم إلا بالنطق والكلام يليق به إذ ذاك .
ومنها أنه يتأكد عليه استعداد ما يحصن به نفسه مما تيسر من الآي القرآنية والأذكار النبوية في مسائه وصباحه وعند نومه وانتباهه كسورة الأنعام عند النوم أو يس أو الملك أو الإخلاص والمعوذتين علي الوصف المعروف في الحديث , وكقوله " أعوذ بكلمات الله التامات كلها من شر ما خلق " ( ثلاثاً ) وقوله : " بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم " ( ثلاثاً ) ولا مثل لقراءة الحزب السيفي في ذلك مع كون قراءته مرة بعبادة سنة بصيامها وقيامها .
وأما مقاصدها فكما مر .
وأما الخلوة الجوانية فلها أقوال وأفعال .