بسم الله الرحمن الرحيم
مقطتف من كتاب "إفادة التجاني بما ليس في جواهر المعاني" يمكنكم تحميله على النت
قال مولانا الشيخ أحمد بن محمد التجانى رضي الله عنه و ارضاه :
"أمّا توحيد المتكلمين : فهو دفع الشبه القادحة في صحة التوحيد من كل ما يوجب نقصا ، أو سلب كمال أو جهلا في وصف الباري سبحانه و تعالى ،
و دفع هذه كلها إنّما هو بالحجج العقلية القائمة على المقدمات اليقينية ،
فأصحابه في تعب عظيم من كثرة توارد الشُبه و ما يصحبها من كثرة الوساوس و التّخليط.
و أما توحيد العارفين : فهو عبادة إله واحد بالرضا، و التسليم بحكم إله واحد، فلا يعتمد في أموره إلاّ على إله واحد، و لا يتوجه بهمته و قلبه إلاّ إلى إله واحد، ولا يعوّل في جلب مصالحه و دفع مضاره إلاّ على إله واحد ، فيتبرأ من حوله و قوّته للحول و القوّة المتصرف بهما إله واحد ، و لا يحب إلاّ إلها واحدا و لا يشتاق في جميع مآربه إلا إلى إله واحد ،
و يجعل مبدأ قصده و غاية مطلبه ووسط ما يسلكه بين المبدأ و الغاية هو الإله الواحد.
وفي كلّ هذا مفارقة الهوى ظاهرا و باطنا و عينا و أثرا إلى الغاية القصوى من تلبيسات النفس و الهوى و الشيطان ،و متى وقع منه ولو أقل قليل من متابعة الهوى و لو مثقال ذرة أو هبأة ما وحّد الإله !
ولا صفت له العبودية لإله واحد.
ثم إذا صحّ له هذا التوحيد و تشيد له حسنه، و استقر فيه و غرق في بحر الرضا و التسليم، علما منه أنّ الإله الواحد لا يصح الخروج عن حكمه، حلوه و مره خيره و شره، ولا اختيار لأحد معه، فإن اختار معه كان إلها معه.
فمن صح له ما تقدم من الأوصاف المذكورة إستراح من معاناة المقادير، و جلس على بساط النعيم و التنعيم ، بخلعه لحلل التعب بما كان فيه من نكد التدبير، فهناك يجلس مع الله على بساط القرب و المؤانسة، فلا تسأل عمّا يجده من المنح و المواهب و بلوغ الآمال ووجوه الرغائب من العز و المجد الأقصى و المكارم التي لا تعدّ و لا تحصى.
فهذا هو توحيد العارفين الذي لما ذكره مولاي عبد العزيز الدباغ لصاحبه العالم الكبير سيدي أحمد بن مبارك إسـراح من تعب ما كان فيه دفع الشبه التي تتوارد على المتكلمين،
لأن توحيد العارفين لا تلحقه شبهة
و مثالهما مثال شخصين :
أحدهما توغلت فيه معضلة الأدواء ، و كلما زال منه شيء جاءه أعظم منه فلأجلها اعتنى بالبحث في كتب الطبّ و معرفة العلل و أصولها من أين نشأت و معرفة الأدوية المزيلة لتلك العلل وكيفية تناولها كما و كيفا ووقتا و إفرادا و تركيبا.
فهو في تعب عظيم من معانات هذه العلوم ، و متى أخطأ في شيء منها وقع له الضرر، و قد فاته أكثر مطالبه لاشتغاله بهذا العلم و فنونه.
أما الآخر، فقد نشأ كامل الصحة و القوة ، وقد سلمه الله من جميع الآفات و عوارض البليات ولم تقع عليه آفة قط و لا رآها فتغافل عن جميع علم الطب و عن جميع مقتضياته و لوازمه .
فإذا لامه الأول بهذا و قال له : "جهلك بالطب فيه ضرر عليك! " .
قال له الآخر:" إنّه يحتاج للطبّ أمثالك! الذين توغلت فيهم العلل؛
أما أنا فلا أعرف الداء فليس لي حاجة إلى الدواء." انتهى توضيحه رضي الله عنه
مقطتف من كتاب "إفادة التجاني بما ليس في جواهر المعاني" يمكنكم تحميله على النت
قال مولانا الشيخ أحمد بن محمد التجانى رضي الله عنه و ارضاه :
"أمّا توحيد المتكلمين : فهو دفع الشبه القادحة في صحة التوحيد من كل ما يوجب نقصا ، أو سلب كمال أو جهلا في وصف الباري سبحانه و تعالى ،
و دفع هذه كلها إنّما هو بالحجج العقلية القائمة على المقدمات اليقينية ،
فأصحابه في تعب عظيم من كثرة توارد الشُبه و ما يصحبها من كثرة الوساوس و التّخليط.
و أما توحيد العارفين : فهو عبادة إله واحد بالرضا، و التسليم بحكم إله واحد، فلا يعتمد في أموره إلاّ على إله واحد، و لا يتوجه بهمته و قلبه إلاّ إلى إله واحد، ولا يعوّل في جلب مصالحه و دفع مضاره إلاّ على إله واحد ، فيتبرأ من حوله و قوّته للحول و القوّة المتصرف بهما إله واحد ، و لا يحب إلاّ إلها واحدا و لا يشتاق في جميع مآربه إلا إلى إله واحد ،
و يجعل مبدأ قصده و غاية مطلبه ووسط ما يسلكه بين المبدأ و الغاية هو الإله الواحد.
وفي كلّ هذا مفارقة الهوى ظاهرا و باطنا و عينا و أثرا إلى الغاية القصوى من تلبيسات النفس و الهوى و الشيطان ،و متى وقع منه ولو أقل قليل من متابعة الهوى و لو مثقال ذرة أو هبأة ما وحّد الإله !
ولا صفت له العبودية لإله واحد.
ثم إذا صحّ له هذا التوحيد و تشيد له حسنه، و استقر فيه و غرق في بحر الرضا و التسليم، علما منه أنّ الإله الواحد لا يصح الخروج عن حكمه، حلوه و مره خيره و شره، ولا اختيار لأحد معه، فإن اختار معه كان إلها معه.
فمن صح له ما تقدم من الأوصاف المذكورة إستراح من معاناة المقادير، و جلس على بساط النعيم و التنعيم ، بخلعه لحلل التعب بما كان فيه من نكد التدبير، فهناك يجلس مع الله على بساط القرب و المؤانسة، فلا تسأل عمّا يجده من المنح و المواهب و بلوغ الآمال ووجوه الرغائب من العز و المجد الأقصى و المكارم التي لا تعدّ و لا تحصى.
فهذا هو توحيد العارفين الذي لما ذكره مولاي عبد العزيز الدباغ لصاحبه العالم الكبير سيدي أحمد بن مبارك إسـراح من تعب ما كان فيه دفع الشبه التي تتوارد على المتكلمين،
لأن توحيد العارفين لا تلحقه شبهة
و مثالهما مثال شخصين :
أحدهما توغلت فيه معضلة الأدواء ، و كلما زال منه شيء جاءه أعظم منه فلأجلها اعتنى بالبحث في كتب الطبّ و معرفة العلل و أصولها من أين نشأت و معرفة الأدوية المزيلة لتلك العلل وكيفية تناولها كما و كيفا ووقتا و إفرادا و تركيبا.
فهو في تعب عظيم من معانات هذه العلوم ، و متى أخطأ في شيء منها وقع له الضرر، و قد فاته أكثر مطالبه لاشتغاله بهذا العلم و فنونه.
أما الآخر، فقد نشأ كامل الصحة و القوة ، وقد سلمه الله من جميع الآفات و عوارض البليات ولم تقع عليه آفة قط و لا رآها فتغافل عن جميع علم الطب و عن جميع مقتضياته و لوازمه .
فإذا لامه الأول بهذا و قال له : "جهلك بالطب فيه ضرر عليك! " .
قال له الآخر:" إنّه يحتاج للطبّ أمثالك! الذين توغلت فيهم العلل؛
أما أنا فلا أعرف الداء فليس لي حاجة إلى الدواء." انتهى توضيحه رضي الله عنه